خِدمَة إنهاض الأبطال
القس/ هِدِيَّة صالح
٢٠١٩/٣/٢٥
** عندما نعلم أن ما نقرأه الآن ليس مُجرَّد تأمُّلّ في عِظة ، بل هو كلمة نبوِّيّة من الرب لشعبه في هذا التوقيت،
فهذا معناه أننا ينبغي أن نًصغي بإهتمام شديد لكل كلمة، لنستوُّعِب المعنى المُستهدف من خلف الكلمات، ونستقبِل في أرواحنا تأثير هذا الكلام، لأنّه يُعلِن عن بداية زمن إفتقاد إلهي عجيب ومُتميِّز جدَّاً لشعب الرب.
+ لقد رأى الرب أن غالبية الرُعاة مُنشغِلون كثيراً سواء بِخَدَمَاتهم، أو بمشاريعهم وتوَّسُّعاتها، أو بحياتهم الشخصية والعائلية، ولا يهتمُّون بشعبه كما ينبغي، لذلك قرر التدخُّل هو بنفسه.
- "لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ : هأَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا." (حز٣٤: ١١)
- "كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ . بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ، وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا، وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ" (أش٤٠: ١١)
+ لقد تكلم الروح القُدُس إلى روحي بهذا الكلام:
** أن الرب مُزمِع أن يُتمِّم زيارات خاصَّة للكثيرين من شعبه، لإفتقاد غنم مرعاه،
على نحو غير مسبوق في الفاعلية وسُرعِة الإنجاز.
وقد أعطاني الروح أربعة نماذج لبعض الزيارات التي تمَّت في كلمة الرب،
والتي سيكون على شاكِلتها الزيارات الموعود بها لشعبه في هذه المرحلة:
١- سيأتي الرب إلى بعض أماكِن العِبادة. (مر ٣: ١- ٦)
لأُناس مُستسلِمون لحالتهم المَرَضيّة، إذ ليس لهُم ما يفعلونه سوى الجلوس بصمت، ولم يخطُر ببالهم أنه سيأتي يوماً وتتغيَّر حالتهم.
يأتي الرب في زيارة خاصَّة فارِقة في حياة رجُل – أو إمرأة - ، عنده إعاقة تجعله عاجِزاً عن أن يكون كما يُريد.
- "ثُمَّ دَخَلَ أَيْضًا إِلَى الْمَجْمَعِ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ .
فَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْيَدُ الْيَابِسَةُ : قُمْ فِي الْوَسْطِ ،
وَقَالَ لِلرَّجُلِ : مُدَّ يَدَكَ؛ فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى . " (مر٣: ١، ٣، ٥)
- وبكلمة واحِدة، ليراه الجميع، قال له يسوع: "قُمْ فِي الْوَسْطِ"،
رغم وجود المُعاندون، والمُتعصِّبون، مع أنهم مُتديِّنون، لكن ليس لهم أحشاء الرب في الرحمة،
وَقَالَ لِلرَّجُلِ : "مُدَّ يَدَكَ"، وفي خلال لحظات، "فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى".
** وهكذا سيفعل الرب مع الكثيرين في بعض الإجتماعات، الشفاء سيكون فورِي ومُدهِش.
وهذا مُجرِّد نموذج فقط – اليد اليابسة – ولكن عمل الرب سَيَمْتَدْ إلى جميع أعضاء وأجهِزة الجسد الداخلية والخارجية، مهما كانت حالتها الصحِيَّة؛ بحسب تقارير الأطبَّاء.
٢- سيأتي الرب إلى أُناس مُقيَّدين من إبليس، مُهمَلين متروكين من الجميع. (مر٥: ١-٢٠)
- وهذا نموذج لِرجُل بسبب تسلُّط الشيطان عليه – مهما كان نوُّعيَّة النشاط الشيطاني – فقد أفقدَه عقله ولم يعُد لديه قُدرة على التمييز، فكان يفعل ما لا يليق.
"وَكَانَ دَائِمًا لَيْلاً وَنَهَارًا فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ، يَصِيحُ وَيُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالْحِجَارَةِ . " (مر ٥:٥)
- لم يطلب أحد من يسوع أن يذهب لهذا الرجُل ويشفيه، لكن يسوع آتاه في زيارة خاصّة جداً،
وقد وجَّه يسوع السفينة في إتجاه منطقة القبور؛ الموجودة خارج حدود كورة الجدريين،
"وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ،" (مر ٥: ٢)
وبعد إتمام تحرير الرجُل المجنون، لم يدخُل يسوع إلى داخل المدينة، بل غادرها فوراً.
- "وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَنَظَرُوا الْمَجْنُونَ الَّذِي كَانَ فِيهِ اللَّجِئُونُ جَالِسًا وَلاَبِسًا وَعَاقِلاً" (مر ٥: ١٥)
"وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ طَلَبَ إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ مَجْنُونًا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ" (مر ٥: ١٨)
أي أن يسوع كان قد جاء خصِّيصاً لهذا الرجل دون وساطة من أحد،
**وهذا مُجَرَّد نموذج لتسلُّط الشيطان على إنسان، وقد تختلِف نوُّعيَّة النشاط الشيطاني من شخص لآخَر، بين تأثير السِحر أو الحَسَدْ أو الغيرة الشريرة أو الأعمال الشيطانية و.و....إلخ.
وكأنّه يقول للكثيرين، أنا أعلم مقدار ما تُعانيه، ولن أقف مكتوف اليَدين أمام معاناتك في هذا الأمر،
وسوف آتي إليك عن قريب، ولن أتأخر عن موعِدي.
٣- سيأتي الرب إلى أُناس قد أكرموا الرب، مثل: "المرأة الشونمية" (٢ملو٤: ٨-٣٧)
أكرموا الرب وهُمّ مُتناسيين إحتياجاتهم الضرورية غير المُسدَّدة ، وتجاوزوا المِحنة وتأقلموا مع عدم وجودها، لكن يأتي وقت إكرام الرب لهم، لِيُتَمِّم كلمته:
"... وَالآنَ يَقُولُ الرَّبُّ: حَاشَا لِي؛ فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي" (١صم ٢: ٣٠)
- المرأة الشونمية، أكرمت الرب – في شخص أليشع النبي – على مدى مرات كثيرة، وإستمرّت في تقديم الإكرام للرب بدون ملل أو تذَمُّر.
وعندما حان وقت إكرامها، حدث ذلك في أثناء زيارة كانت بحسب وقت الرب،
وقد شعر أليشع في قلبه بإلحاح أن يسألها عن أي إحتياج لها،
ولأنّها إمرأة عظيمة، فينبغي أن تكون تعاملاتها مع العظماء، لذلك قال لها:
"... فَمَاذَا يُصْنَعُ لَكِ؟ هَلْ لَكِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ أَوْ إِلَى رَئِيسِ الْجَيْشِ؟" (٢ملو ٤: ١٣)
وكان ردَّها أنها لا تحتاج لشيء.
- ولايزال الإلحاح يزداد بداخل أليشع، لأنه قد حان وقت إكرام هذه المرأة، من أجل ذلك عاد وتساءل:
"فَمَاذَا يُصْنَعُ لَهَا؟، فَقَالَ جِيحْزِي: إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا ابْنٌ، وَرَجُلُهَا قَدْ شَاخَ" (٢ملو٤: ١٤)
- فقال لها بكل حسم: "فِي هذَا الْمِيعَادِ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ تَحْتَضِنِينَ ابْنًا" (٢ملو٤: ١٦)
- "فَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا فِي ذلِكَ الْمِيعَادِ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ، كَمَا قَالَ لَهَا أَلِيشَعُ . " (٢ملو٤: ١٧)
- ويوجد قيمة إيمانيّة مُستهدفة من وراء تحديد ميعاد "نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ"، مع أنه معروف للجميع، أن فترة الحَمل تكون في حدود تسعة أشهُر فقط ، وتبقى الثلاثة أشهُر بمثابة فترة إختبار ثبات الإيمان في صِدق الوعد النبوِّي، فحتَّى ولو مضى جزء من الوقت دون تحقيق الإستجابة وإتمام الوعد، لا تتشكَّك في وعد الرب لك، الذي سيتم في وقته.
** وأنا كذلك أشعُر في روحي بكلمة نبوِّيَّة في هذا الشأن، يوَّجِّهها الرب للكثيرين ممن يقرأون هذه الكلمات الآن:
"هناك أمور عظيمة وخارقة للطبيعي سوف تحدث مع البعض منكم، على فترات زمنية مختلفة،
وستحصدون إستجابات رائعة، عليها بصمة يد القدير،
وسترون نتائج تخرُج إلى الواقِع المُعَاش بعد سبعة أيام، ولِآخرين بعد عشرة أيام،
ولِآخرين بعد شهر، ولِآخرين بعد ثلاثة أشهُر،
ويوجد فئة سوف تحدُث مُتغيِّرات جزريّة في حياتهم بعد عام كامل،
وتحتسب المُدّة من قراءة هذا الوعد النبوِّي."
فإقبلوا هذا الكلام بالإيمان، حتّى ولو تم عمل هذا التصَرُّف مرَّات كثيرة، أي بعد إنقضاء المُدَّة؛ تُعَاوِّدوا قراءة أو سماع هذه العِظة، فيتم إحتساب المُدَّة لكم من جديد.
٤- سيأتي الرب إلى أُناس، بينما هُم يسيرون في الطريق حَيارى، مثل: تِلمِيذي عِموَّاس. (لو٢٤: ١٣- ٣٥)
وقد حاول العدوُّ تسريبهم من الدعوة الإلَهِيَّة.
- لقد إزدادت الشكوك نتيجة المخاوف التي ملئت تلاميذ يسوع بعد أحداث القبض عليه وإتمام الصَلب،
وهذه أجواء مناسبة مع كل ظروف صعبة عند الكثيرين مِنَّا أيضاً، لكي يلقي الشيطان شِباك الحيرة عليهم،
فيفقدون قُدرتهم على فهم وتمييز أبسط الأمور البديهيّة في الأحداث، حتَّى قالوا:
"بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِرًا عِنْدَ الْقَبْرِ،
وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ : إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ .
وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ، فَوَجَدُوا هكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضًا النِّسَاءُ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ" (لو٢٤: ٢٢-٢٤)
- إن ما قاله بطرس ويوحنّا بعد مشاهدتهم لقبر يسوع الفارغ، كان تأكيداً على صِدق رواية المريَمَات، وكلام الملائكة
لهن، ورغم ذلك إنصرف التلميذين في طريق رجوعهم لعمواس، غير قادرين على فهم الحقائق، وربط الأمور
ببعضها، لإستنتاج حقيقة قيامة المسيح، مِمَّا إضطر يسوع أن يقول لَهُمَا:
"أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ" (لو ٢٤: ٢٥)
- وإذ وجد – يسوع - أن إبليس قد ألقى على أذهانهم نوعاً من التعتيم والتغييب، في محاولة منه لِسحبهم خارج منظومة إستنارة وأفراح القيامة، ولتسريبهم من الدعوة العُليّا بالإرسالية العُظمَى.
لذلك ذهب يسوع بنفسه لإرجاعهم ولإستردادهم لعمل الملكوت.
** وهذا ما سيفعله الرب مع قطاع كبير من خُدَّامه، الذين إستدرجهم العدوُّ إبليس لإخراجهم وتسريبهم من دعوة الرب
لحياتهم، ليعودوا من جديد لإستكمال إرساليتهم وخِدمتهم، وقد إنفتحت أعينهم ورأوا الرب وعرفوه، والقلب بداخلهم
كان مُلتهِباً وقت حديثه معهم.
*** إذاً،
نحن على أعتاب مرحلة فارِقة في الحياة، وسيأتي الرب الراعي الصالح في زيارات خاصّة للكثيرين من شعبه
في هذه المرحلة، سواء هو بنفسه الذي سيفعل ذلك أو من خلال أحد خُدَّامه الأمناء.
وسيُفاجئ كثيرين بإتمام هذا:
- لإتمام شفاءات متنوعة من أمراض جسدية مُزمِنة.
- لإتمام التحرير من سُلطان الشيطان مهما كانت الحالة صعبة ومُترّدِيَّة،
وإنهاء كل ما ترتَّب على وجود القيود.
- لتسديد الإحتياجات الفائِقة؛ رغم الواقِع غير المُناسب والمُستحيل.
- لإستعادة المفقود من الرؤية الروحية، وإسترداد المَكانة والدعوة الإلَهيّة.
والهدف الأكبر للرب الراعي أنه يجمع خِرافه من كل حظيرة، ليأتي بهم إليه أصحَّاء مُبَاركِين، لِذا قال:
- "أَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ" (حز ٣٤: ١٦)
- "وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي،
وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ . " (يو ١٠: ١٦)
إنَّه وقت لإنجاز الأعمال العظيمة، وبناء الخِرَب القديمة، وإستعادة الهوِّيّة والقيمة.
فتشبث بحقك في الحياة في المسيح.